نواة الأرض تتحكم فيمصير الكائنات
يساهم المجال المغناطيسي الأرضي في دفع الإشعاعات الكونية وتلك القادمة من الشمس عن سكان الأرض. ولولا وجود هذه الدرع الواقية، لأصبح مصير الكائنات الحية برمتها في مهب الريح، نظراً لخطورة الإشعاعات الشمسية. ومن هذا المنطلق غدت مراقبة سلوك هذا المجال عملية حتمية، خاصة أن المحرك الأساسي له يكمن في باطن الأرض ويتمثل بشكل خاص في النواة ونشاطها.
يساهم المجال المغناطيسي الأرضي في دفع الإشعاعات الكونية وتلك القادمة من الشمس عن سكان الأرض. ولولا وجود هذه الدرع الواقية، لأصبح مصير الكائنات الحية برمتها في مهب الريح، نظراً لخطورة الإشعاعات الشمسية. ومن هذا المنطلق غدت مراقبة سلوك هذا المجال عملية حتمية، خاصة أن المحرك الأساسي له يكمن في باطن الأرض ويتمثل بشكل خاص في النواة ونشاطها.
محاولات علمية
يحاول الباحثون بشتى الطرق اثبات حقيقة الفرضيات التي وضعوها، علماً بأن مستقبل الكائنات الحية يتعرض جدياً للخطر ولا سيما الإنسان، لأن الاضطرابات التي تحدث في النواة تؤثر مباشرة في صحته. وتقول آفي سوريو المتخصصة في الجيوفيزياء في مرصد الميدي بيرنيه في فرنسا إن وجود المجال المغناطيسي الأرضي ضروري جداً لاستمرار الحياة على الأرض، نظراً لأن خطوط المجال تعمل على حمايتنا من الإشعاعات الكونية. وتضيف سوريو: إن هذا المجال يعمل بمثابة الدرع ضد الجسيمات المشحونة كهربائياً التي تقصف الأرض على مدار اليوم قادمة من الشمس أو من الفضاء كالبروتونات والإلكترونات وأنوية الهيليوم المتأنية والنترينو وغيرها. وتقوم هذه الدرع بإزاحة الجسيمات عن مسارها من خلال خطوط المجال المغناطيسي لإيصالها الى منطقة القطبين حيث تعمل على تأيين الجو هناك وتغطي الغلاف الجوي بظاهرة تعرف بالشفق القطبي.
ويؤكد العلماء أنه لولا نواة الأرض ومجالها المغناطيسي لما كان لهذه الدرع وجود ولتعرض الكوكب برمته لقصف متواصل من جسيمات كونية مختلفة وإشعاعات خطيرة كفيلة بإحداث طفرات جينية كبيرة علاوة على التسبب بقتل أعداد كثيرة من الكائنات الحية وخاصة الإنسان.
المثير في الأمر، أن عدداً من الأجهزة والآليات تتعرض هي الأخرى لتأثير المجال المغناطيسي، ففي أمريكا الجنوبية، يؤدي الانخفاض في شدة المجال إلى إحداث اضطرابات في الاتصالات مع الأقمار الاصطناعية التي توجد في سماء تلك المنطقة، ففي العام ،2001 تسببت تلك الاضطرابات في توقف أحد الأجهزة الموجودة على متن أحد الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة (ناسا) والمخصصة لمراقبة الأرض، وذلك على مدى 15 يوماً متتالياً، ولا شك أن الأضرار تتزايد عندما تضاف اليها نزوات الشمس المعروفة باضطراباتها الناتجة عن رياحها القوية التي تؤثر تأثيراً سيئاً في المجال المغناطيسي للأرض. ويطلق العلماء على هذه النزوات تعبير العواصف المغناطيسية. وتقوم هذا العواصف في العادة بإتلاف الأقمار الاصطناعية من خلال تعطيل الرقائق الالكترونية الموجودة في أجهزتها، الأمر الذي يؤدي الى تشويش الاتصالات الأرضية وربما إلى قطعها لفترات طويلة في بعض الأحيان. يذكر أنه في العام ،1989 غرقت منطقة الكويبك الكندية في ظلام دامس بعد تعرض شبكتها الكهربائية لعواصف مغناطيسية قادمة من الشمس.
وإزاء هذا الأمر يطرح العلماء التساؤلات التالية: هل علينا أن نخشى من انخفاض عام في شدة المجال المغناطيسي وبالتالي حدوث ضعف في مستوى الوقاية من الجسيمات الكونية؟ وهل سيؤدي التغيرفي المجال المغناطيسي الى تزايد العواصف المغناطيسية؟
الواقع أن عدداً من العلماء يعتقد جازماً أن عملية فهم المحرك الأساسي للمجال المغناطيسي كفيلة بالإجابة عن بعض من هذه التساؤلات.
انعكاس القطبين
يرى بعض الباحثين أن المعطيات المتوفرة عن مغناطيسية العهود القديمة ربما تكون أحد الحلول المهمة لاستيضاح الكثير من الأمور المتعلقة بمسألة المجال المغناطيسي للأرض، إذ تشير هذه المعطيات إلى أن اتجاه المجال المغناطيسي في العهود المختلفة السابقة يمكن معرفته من خلال وضعية البلورات في الحمم المتجمدة. وتظهر التسجيلات الجيولوجية في الحقب السابقة أن المجال المغناطيسي بلغ أوج نشاطه منذ ألفي عام ولم يتوقف منذ تلك الفترة عن التناقص. ويؤكد العلماء، أنه لو استمر الحال على ما هو عليه، فإن شدة هذا المجال ستبلغ مرحلة الانعدام أو التلاشي الى أن ينعكس اتجاهه، بمعنى أن القطبين الشمالي والجنوبي سيتبادلان الأمكنة خلال الألفي سنة المقبلتين. وتتوافق هذه المعطيات مع الدراسة التي يقوم بها الباحث برادفورد كليمون من جامعة فلوريدا الدولية، حيث أظهرت الدراسة من خلال تفحص الصخور الرسوبية، أن المجال المغناطيسي تأرجح (انقلب) بمقدار 4 مرات خلال 7000 سنة، وقد حدث آخر انقلاب قبل 780 ألف سنة.
ويقول الباحثون إنه اذا كان ثمة انقلاب جديد في القطبين المغناطيسيين، فإن التغيرات الناتجة عنه لن تظهر قبل فترة تمتد الى مئات السنين المقبلة، إلا أن تأثير ذلك في الأقمار الاصطناعية سيكون واضحاً على المدى القريب. إذ يقول العلماء إن المجال المغناطيسي يتحرك بسرعة متوسطة تبلغ 10 كيلومترات سنوياً، ويضرب هؤلاء مثالاً عن اتجاه هذا المجال في باريس، فالاتجاه الذي تشير إليه البوصلات تحرك بمقدار 30 درجة خلال 4 قرون، ما يعني أن القطب الشمالي المغناطيسي قد تحرك عن موضعه. ويرى الباحث مارك مونيرو المدير المساعد لمختبر الديناميكا الأرضية والكوكبية في تولوز، أن نتيجة هذا الأمر تنسحب على أي منطقة خاضعة لحماية شديدة ضد تأثير المجال المغناطيسي، حيث يمكن لهذه المنطقة أن تفقد جزءاً كبيراً من نظام الحماية السابق، ومن هذا المنطلق يعتبر تطور المجال المغناطيسي الشغل الشاغل للصناعة الفضائية على المدى القصير.
ويعتقد مونيرو ان الاهتمام على المدى البعيد يجب أن يتركز على دراسة نواة الأرض لأنها الطريق الموصل الى التنبؤ بالزلازل ومعرفة تحرك الصفائح القارية وكل ما يتعلق بمنطقة الوشاح وديناميكيتها. ويضيف الباحث إنه من الخطأ النظر الى منطقة الوشاح الصلبة على أنها تطفو فوق النواة السائلة على غرار قطعة فلين تطفو فوق سطح الماء، بل يجب النظر الى الوشاح على أنه يشبه وعاء الزيت الساخن فوق النار، لأن الوشاح يتحرك بفعل حرارته الخاصة وكذلك بفعل حرارة النواة.
ويرى مونيرو أن من يريد وصف ديناميكية الوشاح وتحرك الصفائح القارية، فعليه الاهتمام بالظواهر الكامنة في قلب الأرض. ويعترف الباحث بأن الغوص في هذا المضمار لا يخلو من التعقيدات، وخاصة تلك المتعلقة بمسألة الشكوك في قضية مصادر الطاقة الكامنة في نواة الأرض. ويقول مونيرو: "حتى ولو لم نأخذ بالاعتبار سوى مصادر الطاقة الكلاسيكية، المتمثلة في الحرارة المختزنة، أثناء تشكل الأرض، والاشعاع الطبيعي، والحرارة الكامنة أثناء تجمد النواة الداخلية، والطاقة الكامنة في العناصر المشعة والخفيفة المطروحة أثناء عملية التبلر، فإن نسبة مساهمة كل واحد من هذه العناصر لا تخلو من الخطأ. بمعنى أن درجة حرارة سطح النواة لم تزل حتى الآن غير معروفة على وجه الدقة وتكاد هذه الدرجة تتأرجح بين 3000 6000 درجة مئوية. ونظراً لاستمرارية هذه الضبابية المتعلقة بهذه المسألة، فإن اخصائيي الجيولوجيا الفيزيائية يلجأون الى إجراء محاكاة لديناميكية الوشاح عن طريق نماذج غير عادية تدخل في الحسبان بعض الثوابت الرياضية والفيزيائية مثل سمك الوشاح أو درجة حرارة النواة. ولكي يعمل الباحثون على تحسين هذه النماذج وجعلها أكثر فعالية وعملية، فإنهم يعملون على تحديد مصادر الطاقة الكامنة في النواة ومدى مساهمتها في طبيعة المجال المغناطيسي بشكل دقيق.
ماذا لو أدت دراسة نواة الأرض الى إلقاء الضوء على الديناميكية الحالية للأرض؟
يقول مارك مونيرو في هذا الصدد: "إن هذا الأمر سيلقي الضوء على كثير من المسائل الغامضة التي لم تزل تحير العلماء حول التاريخ الماضي للأرض كظهور القارات أو تاريخ تشكل نواتها". ويضيف مونيرو ان هذه الدراسة ربما تجعلنا نعرف الكثير عن الكواكب الأخرى في النظام الشمسي لأنها تمتلك جميعها مجالات مغناطيسية ما عدا كوكبي الزهرة والمريخ.
كما أن البعض الآخر منها يكتنفه الغموض مثل كوكب أورانوس، الذي يظهر مجاله المغناطيسي ميلاً قدره 55 درجة بالنسبة لمحور دورانه، في حين نجد أن هذه الزاوية لا تكاد تتجاوز العشر درجات عند الكواكب الأخرى، فهل هذا الأمر يأتي صدفة وهل يتجه المجال المغناطيسي لكوكب أورانوس نحو الانقلاب، أم أن هذا الميل كان موجوداً منذ ظهور الكوكب؟
يقول مارك مونيرو إن كوكب الأرض يمكن أن يكون نموذجاً مثالياً لدراسة هذا النوع من الكواكب، وكذلك الحال بالنسبة للشمس، فالمعروف أن الشمس نجم مكون من بلازما الهيدروجين والهيليوم المؤين بنسبة 90%، ولذا فهي تحوي داخلها دينامو عملاقاً مسؤولاً عن دورة النشاط الشمسي.
فعلى مدى 11 سنة تظهر الشمس سلوكاً غريباً حيث تزداد أعداد البقع الشمسية (الكلف) الناتجة عن الانفجارات الهائلة، ويؤثر ذلك في النشاطات البشرية بشكل عام. وكلما هبت العواصف المغناطيسية خلال تلك الدورة، كلما تأثرت الأرض بها. ولذا يقول العلماء إن دراسة المحرك الأرضي المتمثل في نواتها يمكننا من الوصول في يوم من الأيام الى الوقاية من العواصف المغناطيسية القادمة من الشمس. ويقول الباحث مونيرو إن غياب المجال المغناطيسي عن أي كوكب يعود الى تعرض هذا الكوكب الى التبريد والصلابة قبل نواته.
طفرات جينية
يعتقد العلماء أن انخفاض شدة المجال المغناطيسي للأرض على المدى البعيد له تأثيرات سيئة في تطور الحياة الحيوانية، فعندما ينعكس اتجاه هذا المجال، فإن الوقاية من الجسيمات المشحونة القادمة من خارج الأرض، تصبح ضعيفة، وبالتالي فإن احتمالية ظهور طفرات جينية عند الحيوانات وحتى الإنسان تصبح محتملة جداً، على حد قول الباحثة آني سوريو من مرصد ميدي بيرينه في فرنسا. من جهته يرى الباحث فاتسون كورتيلو من معهد فيزياء الأرض في باريس أن العلماء لم يتوصلوا حتى الآن الى إيجاد علاقة واضحة بين البيولوجيا (علم الأحياء) والمغناطيسية، لأن المجال المغناطيسي يتغير بسرعة بالنسبة لعملية التطور، فعلى مدى 3 ملايين سنة حدث تغير في اتجاه المجال المغناطيسي للأرض بمعدل 3 مرات، ولذا فإن معرفة تأثيره في الطفرات ستكون غاية في الصعوبة.
ويعتقد كورتيلو أنه حتى ولو حدث انعكاس في اتجاه المجال المغناطيسي، فإنه لن ينعدم كلياً نظراً لتأثير المجالات المغناطيسية المحلية الموجودة في حياتنا. ومن هنا يخلص الباحث كورتيلو الى نتيجة مفادها أن الدرع الواقية المتمثلة في المجال المغناطيسي لن تختفي كلياً على الإطلاق، وسيبقى هذا المجال يؤثر في حياة الكائنات ما بقيت الأرض ونواتها على قيد الحياة.
يحاول الباحثون بشتى الطرق اثبات حقيقة الفرضيات التي وضعوها، علماً بأن مستقبل الكائنات الحية يتعرض جدياً للخطر ولا سيما الإنسان، لأن الاضطرابات التي تحدث في النواة تؤثر مباشرة في صحته. وتقول آفي سوريو المتخصصة في الجيوفيزياء في مرصد الميدي بيرنيه في فرنسا إن وجود المجال المغناطيسي الأرضي ضروري جداً لاستمرار الحياة على الأرض، نظراً لأن خطوط المجال تعمل على حمايتنا من الإشعاعات الكونية. وتضيف سوريو: إن هذا المجال يعمل بمثابة الدرع ضد الجسيمات المشحونة كهربائياً التي تقصف الأرض على مدار اليوم قادمة من الشمس أو من الفضاء كالبروتونات والإلكترونات وأنوية الهيليوم المتأنية والنترينو وغيرها. وتقوم هذه الدرع بإزاحة الجسيمات عن مسارها من خلال خطوط المجال المغناطيسي لإيصالها الى منطقة القطبين حيث تعمل على تأيين الجو هناك وتغطي الغلاف الجوي بظاهرة تعرف بالشفق القطبي.
ويؤكد العلماء أنه لولا نواة الأرض ومجالها المغناطيسي لما كان لهذه الدرع وجود ولتعرض الكوكب برمته لقصف متواصل من جسيمات كونية مختلفة وإشعاعات خطيرة كفيلة بإحداث طفرات جينية كبيرة علاوة على التسبب بقتل أعداد كثيرة من الكائنات الحية وخاصة الإنسان.
المثير في الأمر، أن عدداً من الأجهزة والآليات تتعرض هي الأخرى لتأثير المجال المغناطيسي، ففي أمريكا الجنوبية، يؤدي الانخفاض في شدة المجال إلى إحداث اضطرابات في الاتصالات مع الأقمار الاصطناعية التي توجد في سماء تلك المنطقة، ففي العام ،2001 تسببت تلك الاضطرابات في توقف أحد الأجهزة الموجودة على متن أحد الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة (ناسا) والمخصصة لمراقبة الأرض، وذلك على مدى 15 يوماً متتالياً، ولا شك أن الأضرار تتزايد عندما تضاف اليها نزوات الشمس المعروفة باضطراباتها الناتجة عن رياحها القوية التي تؤثر تأثيراً سيئاً في المجال المغناطيسي للأرض. ويطلق العلماء على هذه النزوات تعبير العواصف المغناطيسية. وتقوم هذا العواصف في العادة بإتلاف الأقمار الاصطناعية من خلال تعطيل الرقائق الالكترونية الموجودة في أجهزتها، الأمر الذي يؤدي الى تشويش الاتصالات الأرضية وربما إلى قطعها لفترات طويلة في بعض الأحيان. يذكر أنه في العام ،1989 غرقت منطقة الكويبك الكندية في ظلام دامس بعد تعرض شبكتها الكهربائية لعواصف مغناطيسية قادمة من الشمس.
وإزاء هذا الأمر يطرح العلماء التساؤلات التالية: هل علينا أن نخشى من انخفاض عام في شدة المجال المغناطيسي وبالتالي حدوث ضعف في مستوى الوقاية من الجسيمات الكونية؟ وهل سيؤدي التغيرفي المجال المغناطيسي الى تزايد العواصف المغناطيسية؟
الواقع أن عدداً من العلماء يعتقد جازماً أن عملية فهم المحرك الأساسي للمجال المغناطيسي كفيلة بالإجابة عن بعض من هذه التساؤلات.
انعكاس القطبين
يرى بعض الباحثين أن المعطيات المتوفرة عن مغناطيسية العهود القديمة ربما تكون أحد الحلول المهمة لاستيضاح الكثير من الأمور المتعلقة بمسألة المجال المغناطيسي للأرض، إذ تشير هذه المعطيات إلى أن اتجاه المجال المغناطيسي في العهود المختلفة السابقة يمكن معرفته من خلال وضعية البلورات في الحمم المتجمدة. وتظهر التسجيلات الجيولوجية في الحقب السابقة أن المجال المغناطيسي بلغ أوج نشاطه منذ ألفي عام ولم يتوقف منذ تلك الفترة عن التناقص. ويؤكد العلماء، أنه لو استمر الحال على ما هو عليه، فإن شدة هذا المجال ستبلغ مرحلة الانعدام أو التلاشي الى أن ينعكس اتجاهه، بمعنى أن القطبين الشمالي والجنوبي سيتبادلان الأمكنة خلال الألفي سنة المقبلتين. وتتوافق هذه المعطيات مع الدراسة التي يقوم بها الباحث برادفورد كليمون من جامعة فلوريدا الدولية، حيث أظهرت الدراسة من خلال تفحص الصخور الرسوبية، أن المجال المغناطيسي تأرجح (انقلب) بمقدار 4 مرات خلال 7000 سنة، وقد حدث آخر انقلاب قبل 780 ألف سنة.
ويقول الباحثون إنه اذا كان ثمة انقلاب جديد في القطبين المغناطيسيين، فإن التغيرات الناتجة عنه لن تظهر قبل فترة تمتد الى مئات السنين المقبلة، إلا أن تأثير ذلك في الأقمار الاصطناعية سيكون واضحاً على المدى القريب. إذ يقول العلماء إن المجال المغناطيسي يتحرك بسرعة متوسطة تبلغ 10 كيلومترات سنوياً، ويضرب هؤلاء مثالاً عن اتجاه هذا المجال في باريس، فالاتجاه الذي تشير إليه البوصلات تحرك بمقدار 30 درجة خلال 4 قرون، ما يعني أن القطب الشمالي المغناطيسي قد تحرك عن موضعه. ويرى الباحث مارك مونيرو المدير المساعد لمختبر الديناميكا الأرضية والكوكبية في تولوز، أن نتيجة هذا الأمر تنسحب على أي منطقة خاضعة لحماية شديدة ضد تأثير المجال المغناطيسي، حيث يمكن لهذه المنطقة أن تفقد جزءاً كبيراً من نظام الحماية السابق، ومن هذا المنطلق يعتبر تطور المجال المغناطيسي الشغل الشاغل للصناعة الفضائية على المدى القصير.
ويعتقد مونيرو ان الاهتمام على المدى البعيد يجب أن يتركز على دراسة نواة الأرض لأنها الطريق الموصل الى التنبؤ بالزلازل ومعرفة تحرك الصفائح القارية وكل ما يتعلق بمنطقة الوشاح وديناميكيتها. ويضيف الباحث إنه من الخطأ النظر الى منطقة الوشاح الصلبة على أنها تطفو فوق النواة السائلة على غرار قطعة فلين تطفو فوق سطح الماء، بل يجب النظر الى الوشاح على أنه يشبه وعاء الزيت الساخن فوق النار، لأن الوشاح يتحرك بفعل حرارته الخاصة وكذلك بفعل حرارة النواة.
ويرى مونيرو أن من يريد وصف ديناميكية الوشاح وتحرك الصفائح القارية، فعليه الاهتمام بالظواهر الكامنة في قلب الأرض. ويعترف الباحث بأن الغوص في هذا المضمار لا يخلو من التعقيدات، وخاصة تلك المتعلقة بمسألة الشكوك في قضية مصادر الطاقة الكامنة في نواة الأرض. ويقول مونيرو: "حتى ولو لم نأخذ بالاعتبار سوى مصادر الطاقة الكلاسيكية، المتمثلة في الحرارة المختزنة، أثناء تشكل الأرض، والاشعاع الطبيعي، والحرارة الكامنة أثناء تجمد النواة الداخلية، والطاقة الكامنة في العناصر المشعة والخفيفة المطروحة أثناء عملية التبلر، فإن نسبة مساهمة كل واحد من هذه العناصر لا تخلو من الخطأ. بمعنى أن درجة حرارة سطح النواة لم تزل حتى الآن غير معروفة على وجه الدقة وتكاد هذه الدرجة تتأرجح بين 3000 6000 درجة مئوية. ونظراً لاستمرارية هذه الضبابية المتعلقة بهذه المسألة، فإن اخصائيي الجيولوجيا الفيزيائية يلجأون الى إجراء محاكاة لديناميكية الوشاح عن طريق نماذج غير عادية تدخل في الحسبان بعض الثوابت الرياضية والفيزيائية مثل سمك الوشاح أو درجة حرارة النواة. ولكي يعمل الباحثون على تحسين هذه النماذج وجعلها أكثر فعالية وعملية، فإنهم يعملون على تحديد مصادر الطاقة الكامنة في النواة ومدى مساهمتها في طبيعة المجال المغناطيسي بشكل دقيق.
ماذا لو أدت دراسة نواة الأرض الى إلقاء الضوء على الديناميكية الحالية للأرض؟
يقول مارك مونيرو في هذا الصدد: "إن هذا الأمر سيلقي الضوء على كثير من المسائل الغامضة التي لم تزل تحير العلماء حول التاريخ الماضي للأرض كظهور القارات أو تاريخ تشكل نواتها". ويضيف مونيرو ان هذه الدراسة ربما تجعلنا نعرف الكثير عن الكواكب الأخرى في النظام الشمسي لأنها تمتلك جميعها مجالات مغناطيسية ما عدا كوكبي الزهرة والمريخ.
كما أن البعض الآخر منها يكتنفه الغموض مثل كوكب أورانوس، الذي يظهر مجاله المغناطيسي ميلاً قدره 55 درجة بالنسبة لمحور دورانه، في حين نجد أن هذه الزاوية لا تكاد تتجاوز العشر درجات عند الكواكب الأخرى، فهل هذا الأمر يأتي صدفة وهل يتجه المجال المغناطيسي لكوكب أورانوس نحو الانقلاب، أم أن هذا الميل كان موجوداً منذ ظهور الكوكب؟
يقول مارك مونيرو إن كوكب الأرض يمكن أن يكون نموذجاً مثالياً لدراسة هذا النوع من الكواكب، وكذلك الحال بالنسبة للشمس، فالمعروف أن الشمس نجم مكون من بلازما الهيدروجين والهيليوم المؤين بنسبة 90%، ولذا فهي تحوي داخلها دينامو عملاقاً مسؤولاً عن دورة النشاط الشمسي.
فعلى مدى 11 سنة تظهر الشمس سلوكاً غريباً حيث تزداد أعداد البقع الشمسية (الكلف) الناتجة عن الانفجارات الهائلة، ويؤثر ذلك في النشاطات البشرية بشكل عام. وكلما هبت العواصف المغناطيسية خلال تلك الدورة، كلما تأثرت الأرض بها. ولذا يقول العلماء إن دراسة المحرك الأرضي المتمثل في نواتها يمكننا من الوصول في يوم من الأيام الى الوقاية من العواصف المغناطيسية القادمة من الشمس. ويقول الباحث مونيرو إن غياب المجال المغناطيسي عن أي كوكب يعود الى تعرض هذا الكوكب الى التبريد والصلابة قبل نواته.
طفرات جينية
يعتقد العلماء أن انخفاض شدة المجال المغناطيسي للأرض على المدى البعيد له تأثيرات سيئة في تطور الحياة الحيوانية، فعندما ينعكس اتجاه هذا المجال، فإن الوقاية من الجسيمات المشحونة القادمة من خارج الأرض، تصبح ضعيفة، وبالتالي فإن احتمالية ظهور طفرات جينية عند الحيوانات وحتى الإنسان تصبح محتملة جداً، على حد قول الباحثة آني سوريو من مرصد ميدي بيرينه في فرنسا. من جهته يرى الباحث فاتسون كورتيلو من معهد فيزياء الأرض في باريس أن العلماء لم يتوصلوا حتى الآن الى إيجاد علاقة واضحة بين البيولوجيا (علم الأحياء) والمغناطيسية، لأن المجال المغناطيسي يتغير بسرعة بالنسبة لعملية التطور، فعلى مدى 3 ملايين سنة حدث تغير في اتجاه المجال المغناطيسي للأرض بمعدل 3 مرات، ولذا فإن معرفة تأثيره في الطفرات ستكون غاية في الصعوبة.
ويعتقد كورتيلو أنه حتى ولو حدث انعكاس في اتجاه المجال المغناطيسي، فإنه لن ينعدم كلياً نظراً لتأثير المجالات المغناطيسية المحلية الموجودة في حياتنا. ومن هنا يخلص الباحث كورتيلو الى نتيجة مفادها أن الدرع الواقية المتمثلة في المجال المغناطيسي لن تختفي كلياً على الإطلاق، وسيبقى هذا المجال يؤثر في حياة الكائنات ما بقيت الأرض ونواتها على قيد الحياة.
الجمعة أغسطس 23, 2013 1:32 pm من طرف مارسيل عبدو
» النتائج الإمتحانية
الخميس أغسطس 22, 2013 8:57 am من طرف مارسيل عبدو
» العناصر المشعة وهجرة اليورانيوم في صخور الجرافيت؟؟؟
الإثنين مايو 02, 2011 9:04 am من طرف جيو محسن
» جيولوجية الجوهورية العربية السورية
الجمعة فبراير 04, 2011 1:17 pm من طرف بدر محمد
» وزارة الخارجية توافق على إحداث مكتب إقليمي للمكية الفكرية ترأسه الأستاذة آمال تادروس تلغراف
الإثنين ديسمبر 20, 2010 2:47 pm من طرف moutaz
» اسرائيل تمنع التواصل بين أبناء الجولان السوري المحتل والوطن الأم خلال حفل ختام حملة دعم الجولان في اللاذقية
السبت ديسمبر 18, 2010 7:11 am من طرف moutaz
» ملخص الصخور(1)
الأحد ديسمبر 12, 2010 6:54 am من طرف جيو محسن
» بدعم رسمي وشعبي وعلى مسرح دار الأسد للثقافة باللاذقية إطلاق الدورة الثانية من الحملة الاهلية لدعم الجولان المحتل
الثلاثاء نوفمبر 30, 2010 3:00 pm من طرف moutaz
» نقلة نوعية لطلاب قسم الجيولوجيا ؟؟؟؟؟
الجمعة نوفمبر 05, 2010 6:00 am من طرف wael
» مــن أيــن تاتي مـلـوحــة مياه الـبـحــر؟
الأحد أكتوبر 31, 2010 8:59 am من طرف moutaz