كونشرتو البيانو نزار قباني

كل شييء ممكن..
في ذلك الليل الذي يثقبه صوت النطر
كل شيء ممكن..
حين يكون المرء بالكونياك مغسولاً
وبالأحزان مغسولاً
وبالمجهول مغسولً
وحين الأرء لا يرضى بأن يبقى حجر
فلماذا؟
تستسشيرين الفناجين لماذا؟
تطرحين الأسئلة
والماذا؟
جئت صوب البحر
إن كنت تخافين الشفر...

كل شيء ممكن..
ما بين تشرين وتشرين
ما يحدث في داخل نهديك طبيعيّ
كهذا السكّر الدافق في قلب الثمر...
فاتركي أمركي الله..ونامي
إن نهديك يجيئان إلى الدنيا قضاءً وقدر

سوف يأتي الحب في موعده
فالبسي قفطانك المصري..
لا أدري لماذا..
أذكر الأن حقول القطن في الدلتا..
وشمس القاهرة..
فجلسي حيث تحبين..
فكونشرتو البيانو
سو يلغي الوقت..
يلغيك..
ويلغيني
ويلغي العقد الأولى التي نحملها منذ الولادة
سيجيء الحب في موعده..
ويجيء الجنس في موعده
إن كونشيرتو البيانو
يمسح الأشياء بالكافور والزيت
يذيب الثلج عن وجه البحيرات..
ويأتي بالفراشات الغربيات
ويأتي بالحقول..
فاتركي الأمر طبيعياً.. وسهلاً..
إن كونشيرتو البيانو
يتولى هو إيجاد الحلول..
سيجيء الحب في موعده..
والبيانو..
سينادينا إلى غرفته المائية الشكل
ولا أعلم ما سوف يقول..

كل شيء ممكن..
في ذلك الليل الذي يثقبه صوت المطر
إن تشايكوفسكي..
يمر الآن كالعصفور من ساحات بطرسبرغ
يأتي من ممرات جبال الألب
ينساب كحلم أخضر من حي مونبارناس
تشايكوفسكي..
يمر الآن من ذاكرة الورد
يلم الورق الأصفر من غابات أوروبا..
يصلي في أياصوفيا..
ويبكي في رحاب النجف الأشرف
ما بين المرايا..والقباب الذهبية..

كل شيء ممكن..
في ذلك الليل الذي يثقبه صوت المطر..
فالبسي قطفانك الكردي
لا أدري لماذا
أذكر المصل أيام الربيع
وحقول القصب المائي في الأهوار
لا أدري لماذا..
تحضر الآن في بالي بساتين الرصافة
والشناشيل التي تملأ شط الأعظمية
والكتابات التي يكتبها الله..بورد وذهب..
عند لحظات الغروب
فوق شعر النخيل في شط العرب..

يا صباح الفل..هل أنت بخير؟..
إن كونشيرتو البيانو
أشعل النار لنا..ثم ذهب

صباح الفل دوما بخير ...وكونشرتات البيانو والكمان ستشعل دوما لنا النيران لكنها ستعيش أبدا في ذاكرتنا
قصيدة رائعة ..